سورة آل عمران - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


قوله عز وجل: {فلما أحس عيسى منهم الكفر} أي وجد وعرف وقيل: رأى والإحساس عبارة عن وجدان الشيء بالحاسة والمعنى أنهم تكلموا بكلمة الكفر فأحس ذلك عيسى منهم وعرف إصرارهم عليه وعزمهم على قتله.
ذكر سبب القصة:
قال أهل الأخبار والسير: لما بعث الله عيسى إلى بني إسرائيل وأمره بإظهار رسالته والدعاء إليه نفوه وأخرجوه من بينهم، فخرج هو وأمه يسيحان في الأرض فنزلا في قرية على رجل فأضافهما وأحسن إليهما وكان لتلك القرية ملك جبار معتد فجاء ذلك الرجل في بعض الأيام وهو مهموم حزين فدخل منزله عند امرأته فقالت مريم: ما شأن زوجك أراه كئيباً حزيناً فقالت: لا تسأليني فقالت مريم: أخبريني لعل الله أن يفرج كربته قالت المرأة: إن لنا ملكاً جباراً وقد جعل على كل رجل منا يوماً يطعمه فيه هو وجنوده ويسقيهم الخمر وأن لم يفعل ذلك عاقبة واليوم نوبتنا وليس عندنا سعة لذلك فقالت لها قولي له: لا يهتم لذلك فأنا آمر ابني أن يدعو له فيكفي ذلك ثم قالت مريم لعيسى في ذلك فقال عيسى: إن فعلت ذلك وقع شر فقالت مريم: لا نبالي فإنه قد أحسن إلينا وأكرمنا فقال عيسى: قولي له إذا قرب ذلك الوقت فاملأ قدورك وخوابيك ماء ثم أعلمني، ففعل الرجل ذلك ثم دعا الله عيسى عليه السلام فتحول ماء القدور مرقاً ولحماً وماء الخوابي خمراً لم تر الناس مثله، فلما جاء الملك وأكل من ذلك الطعام وشرب من ذلك الخمر قال من أين لك هذا الخمر؟ فقال الرجل: هو من أرض كذا فقال الملك: إن خمري من تلك الأرض وليست مثل هذه فقال: هي من أرض أخرى فلما رآه الملك اختلط شدد عليه فقال الملك: إن خمري من تلك الأرض وليست مثل هذه فقال: هي من أرض أخرى فلما رآه الملك اختلط شدد عليه فقال الرجل: أنا أخبرك أن عندي غلاماً لا يسأل الله شيئاً إلاّ اعطاه إياه، وانه دعا الله تعالى فجعل الماء خمراً وكان للملك ابن يريد أن يستخلفه في ملكه وقد مات قبل ذلك بأيام وكان يحبه حباً شديداً فقال الملك: إن رجلاً دعا الله تعالى حتى صار الماء خمراً بدعوته ليستجيبن له في إحياء بني فطلب عيسى وكلمه في ذلك فقال له عيسى لا تفعل فإنه إن عاش وقع شر فقال الملك: لا أبالي أليس أراه فقال: عيسى: إن أنا أحييته تتركني أنا وأمي نذهب حيث نشاء. قال: نعم فدعا الله عيسى فعاش الغلام فلما رآه أهل مملكة الرجل فقد عاش فبادروا إلى السلاح وقالوا: قد أكلنا هذا الملك حتى إذا دنا أجله يريد أن يستخلف علينا ابنه ليأكلنا كما أكلنا أبوه فقاتلوه وظهر أثر عيسى فقصدوا قتله وكفروا به وقيل: إن اليهود كانوا عارفين بأنه المسيح المبشر به في التوراة وأنه ينسخ دينهم فلما أظهر عيسى الدعوة اشتد ذلك عليهم فأخذوا في أذاه وطلبوا قتله وكفروا به فاستنصر عليهم كما أخبر الله عز وجل عنه بقوله: {قال} يعني عيسى عليه السلام {من أنصاري إلى الله} أي مع الله وقيل: معناه إلى أن أبين أمر الله وأظهر دينه وقيل: إلى بمعنى في أي ذات الله وسبيله وقيل: إلى في موضعها والمعنى من يضم نصرته إلى نصرة الله لي {قال الحواريون نحن أنصار الله} وذلك أن عيسى عليه السلام لما دعا بني إسرائيل إلى الله تعالى وتمردوا عليه وكفروا به خرج يسيح في الأرض فمر بجماعة يصطادون السمك، وكانوا اثنى عشر ورئيسهم شمعون ويعقوب فقال عيسى عليه السلام: ما تصنعون؟ قالوا: نصيد السمك قال: أفلا تمشون حتى نصيد الناس قالوا: ومن أنت؟ قال أنا عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله فسألوه آية تدلهم على صدقه وكان شمعون قد رمي بشبكته في الماء فدعا الله عيسى فاجتمع في تلك الشبكة من السمك ما كادت تتمزق من كثرته فاستعانوا بأهل سفينة أخرى وملؤوا السفينتين من السمك فعند ذلك آمنوا به وانطلقوا معه واختلف في الحواريون فقيل: كانوا يصطادون السمك فلما آمنوا بعيسى صاروا يصطادون الناس ويهدونهم إلى الدين، سموا حواريين لبياض ثيابهم يقال: حورت الشيء بمعنى بيضته: وقيل: كانوا قصارين سموا بذلك لأنهم كانوا يحورون الثياب أي يبيضونها.
وقيل: إن مريم سلمت عيسى إلى أعمال شتى فكان آخر من سلمته إليه الحواريين وكانوا قصارين وصباغين فدفعته إلى رئيسهم ليتعلم منه فاجتمع عنده ثياب وعرض له سفر فقال لعيسى: إنك قد تعلمت هذه الصنعة وأنا خارج إلى السفر ولا أرجع إلى عشرة أيام وهذه ثياب مختلفة الألوان، وقد علمت كل واحد منها بخيط على اللون الذي يصبغ به فأريد أن تفرغ منها وقت وقدومي. وخرج المعلم إلى سفره فطبخ عيسى حباً واحداً على لون واحد وأدخل فيه جميع الثياب وقال؟ كوني بإذن الله على ما أريد منك ثم قدم الحواري والثياب كلها في الحب فقال لعيسى: ما فعلت؟ قال قد فرغت منها قال وأين هي؟ قال في الحب قال كلها: قال: نعم قال لقد أفسدت علي الثياب قال عيسى: لا ولكن قم فانظر وقام عيسى وأخرج ثوباً أحمر وثوباً أخضر وثوباً أصفر وثوباً أسود حتى أخرجها كلها على الألوان التي يريد الحواري فجعل الحواري يتعجب من ذلك وعلم أن ذلك من الله تعالى فقال للناس: تعالوا فانظروا فآمن به هو وأصحابه وهم الحواريون.
وقيل: سموا حواريين لصفاء قلوبهم ولما ظهر عليهم من أثر العبادة ونورها وقيل: الحواريون الأصفياء وكانوا أصفياء عيسى وخاصته وقيل: الحواريون هم الخلفاء وقيل: هم الوزراء وكانوا خلفاء عيسى ووزراؤه وقيل: الحواريون هم الأنصار والحواري الناصر والحواري الرجل الذي يستعان به.
(ق) عن جابر بن عبد الله قال: ندب النبي صلى الله عليه وسلم الناس يوم الخندق فانتدب الزبير ثم ندبهم فانتدب الزبير ثم ندبهم فانتدب الزبير فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن لكل نبي حوارياً وحواربي الزبير قال الحواريون: نحن أنصار الله يعني أنصار دين الله ورسوله وأعوانه {آمنا بالله} أي صدقنا بأن الله ربنا ورب كل شيء {واشهد} يعني أنت يا عيسى {بأنا مسلمون} قيل: معناه واشهد بأنا منفادون لما تريد من نصرك والذب عنك ومستسلمون لأمر الله عز وجل وقيل: هو إقرار منهم بأن دينهم الإسلام وأنه دين عيسى وكل الأنبياء قبله لا اليهودية والنصرانية.


{ربنا آمنا بما أنزلت} يعني قال الحواريون بعد إشهاد عيسى عليهم بأنهم مسلمون ربنا آمنا بما أنزلت يعني بكتابك الذي أنزلته على عيسى عليه السلام {واتبعنا الرسول} يعني عيسى {فاكتبنا مع الشاهدين} يعني الذين شهدوا لأنبيائك بالصدق واتبعوا أمرك ونهيك فأثبت أسماءنا مع أسمائهم واجعلنا في عدادهم ومعهم فيما تكرمهم به وهذا يقتضي أن يكون للشاهدين الذين سألوا الحواريون أن يكونوا معهم مزيد فضل عليهم فلهذا قال ابن عباس: في قوله: {فاكتبنا مع الشاهدين} أي مع محمد صلى الله عليه وسلم وأمته لأنهم المخصوصون بتلك الفضيلة فإنهم يشهدون للرسل بالبلاغ وقيل: مع الشاهدين يعني النبيين لأن كل نبي شاهد على أمته قوله عز وجل: {ومكروا} يعني كفار بني إسرائيل الذين أحس عيسى منهم الكفر وأصل المكر صرف الغير عما يقصده بضرب من الحيلة وقيل: هو السعي بالفساد في الخفية فأما مكرهم بعيسى فإنهم دبروا في قتله وهموا به وذاك أن عيسى عليه السلام بعد أن أخرجه قومه هو وأمه رجع مع الحواريين وصاح فيهم بالدعوة وأظهر رسالته إليهم فهموا بقتله والفتك به فلذلك مكرهم والمكر من الخلق الخبيث والخديعة والحيلة {ومكر الله} أي جازاهم على مكرهم فسمي الجزاء باسم الابتداء لأنه في مقابلته وقيل: مكر الله استدراج العبد وأخذه بغتة من حيث لا يحتسب ومكر الله في هذه الاية خاصة هو إلقاء الشبه على صاحبهم الذي دلهم على عيسى حين أرادوا قتله حتى قتل قال ابن عباس أن عيسى عليه السلام استقبل رهطاً من اليهود فلما رأوه قالوا: قد جاء الساحر ابن الساحر والفاعل ابن الفاعلة فقذفوه وأمه، فلما سمع عيسى ذلك دعا عليهم ولعنهم فمسخوا خنازير فلما رأى ذلك يهوداً رأس اليهود وملكهم فزع لذلك وخاف دعوته فاجتمعت كلمة اليهود على قتل عيسى وساروا إليه ليقتلوه فبعث الله عز وجل جبريل فأدخله خوخة في سقفها روزنة فرفعه الله من تلك الروزنة وأمر يهودا ملك اليهود رجلاً من أصحابه يقال له ططيانوس أن يدخل الخوخة فيقتله ظنوا أنه عيسى فأخذوه وقتلوه وصلبوه. وقال وهب بن منبه: إن اليهود طرقوا عيسى في بعض الليل ونصبوا له خشبة ليصلبوه عليها فأظلمت الأرض وأرسل الله عز وجل الملائكة فحالت بينهم وبينه فجمع عيسى عليه السلام الحواريين تلك الليلة وأوصاهم وقال: ليكفر بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ويبيعني بدراهم يسيره فخرجوا وتفرقوا وكانت اليهود تطلبه فأتى أحد الحواريين إلى اليهود وقال: ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح فجعلوا له ثلاثين درهماً فأخذها ودلهم عليه، فلما دخل البيت الذي فيه المسيح ألقى الله شبه عيسى عليه ورفع الله عيسى عليه السلام وأخذ الذي دل عليه فقال: أنا الذي دللتكم عليه فلم يلتفتوا إلى قوله فقتلوه وصلبوه وهم يظنون أنه عيسى فلما صلب الذي ألقي عليه شبه عيسى جاءت مريم وامرأة أخرى كان عيسى دعا لها فأبرأها الله من الجنون بدعوته فجعلتا تبكيان عند المصلوب فجاءهما عيسى عليه السلام وقال: على من تبكيان إن الله عز وجل قد رفعني ولم يصبني إلاّ خيرٌ وهذا شيء شبه لهم فلما كان بعد سبعة أيام قال الله تعالى لعيسى أهبط إلى مريم المجدلانية وهو اسم موضع نسبت إليه فإنه لم يبك عليك أحد بكاءها، ولم يحزن عليك أحد حزنها ثم لتجمع لك الحواريين فبثهم دعاة إلى الله عز وجل فأهبطه الله عز وجل إليها فاشتعل الجبل نوراً حين هبط فجمعت الحواريون فبثهم دعاة في الأرض ثم رفعه الله فتلك الليلة التي تدخن فيها النصارى فلما أصبح الحواريون تكلم كل واحد منهم بلغة من أرسله عيسى إليهم فذلك قوله تعالى: {ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين} يعني وهو أفضل المجازين بالسيئة العقوبة.
وقال السدي: إن اليهود حبست عيسى عليه السلام في بيت ومعه عشرة من الحواريين فدخل عليهم رجل منهم كان قد نافق ألقى عليه شبه فأخذ وقتل وصلب وقال قتادة ذكر لنا أن نبي الله عيسى عليه السلام قال لأصحابه أيكم يقذف عليه شبهي فإنه مقتول فقال رجل منهم: أنا يا نبي الله فقتل ذلك الرجل ومنع الله عيسى ورفعه إليه وكساه الريش وألبسه النور وقطع عنه لذة الطعم والمشرب وطار مع الملائكة فهو معهم حول العرش وصار إنساً ملكياً أرضياً سماوياً. قال أهل التاريخ: حملت مريم بعيسى ولها ثلاث عشرة سنة وولدته ببيت لحم من أرض أوري شلم لمضي خمس وستين سنة من غلبة الإسكندر على أرض بابل، وأوحى الله إلى عيسى على رأس ثلاثين سنة ورفعه الله من بيت المقدس ليلة القدر من رمضان وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فكانت نبوته ثلاث سنين وعاشت أمه مريم بعد رفعه ست سنين.


قوله عز وجل: {إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي} اختلفوا في معنى التوفي هنا على طريقين: فالطريق الأول أن الآية على ظاهرها من غير تقديم ولا تأخير وذكروا في معناها وجوهاً: الأول: معناه أني قابضك ورافعك إلي من غير موت من قولهم توفيت الشيء واستوفيته إذا أخذته وقبضته تاماً، والمقصود منه هنا أن لا يصل أعداؤه من اليهود إليه بقتل ولا غيره. الوجه الثاني: أن المراد بالتوفي النوم ومنه قوله عز وجل: {الله يتوفى الأنفس حين موتها} والتي لم تمت في منامها فجعل النوم وفاة، وكان عيسى قد نام فرفعه الله وهو نائم لئلا يلحقه خوف، فمعنى الآية أني منيمك ورافعك إلى الوجه الثالث أن المراد بالتوفي حقيقة الموت، قال ابن عباس: معناه أني مميتك قال وهب بن منبه: إن الله توفى عيسى ثلاث ساعات من النهار ثم أحياه ثم رفعه إليه وقيل: إن النصارى يزعمون أن الله توفاه سبع ساعات من النهار ثم أحياه ورفعه إليه. الوجه الرابع: أن الواو في قوله ورافعك إلي لا تفيد الترتيب والآية تدل على أن الله تعالى يفعل به ما ذكر فأما كيف يفعل؟ ومتى يفعل؟ فالأمر فيه موقوف على الدليل. وقد ثبت في الحديث أن عيسى سينزل ويقتل الدجال وسنذكره إن شاء الله تعالى. الوجه الخامس: قال أبو بكر الواسطي: معناه أني متوفيك عن شهواتك وعن حظوظ نفسك ورافعك إلي ذلك أن عيسى عليه السلام لما رفع إلى السماء صارت حالته حالة الملائكة في زوال الشهوة. الوجه السادس: أن معنى التوفي أخذ الشيء وافياً ولما علم الله تعالى أن من الناس من يخطر بباله أن الذي رفعه الله إليه هو روحه دون جسده كما زعمت النصارى أن المسيح رفع لاهوته يعني روحه وبقي في الأرض ناسوته يعني جسده فرد الله عليهم بقوله إني متوفيك ورافعك إلي فأخبر الله تعالى أنه رفع بتمامه إلى السماء بروحه وجسده جميعاً. الطريق الثاني: أن في الآية تقديماً وتأخيراً تقديره أني رافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك بعد إنزالك إلى الأرض وقيل: لبعضهم هل تجد نزول عيسى إلى الأرض في القرآن؟ قال: نعم قوله تعالى وكهلاً وذلك لأنهم يكتهل في الدنيا وإنما معناه وكهلاً بعد نزوله من السماء.
(ق) عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً مقسطاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد زاد» وفي رواية حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم وإن من أهل الكتاب إلاّ ليومنن به قبل موته وفي رواية كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم.
وفي رواية فأمكم منكم قال ابن أبي ذؤيب: تدري ما أمكم منكم؟ قلت فأخبرني قال فأمكم كتاب ربكم عز وجل وبسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وفي إفراد مسلم من حديث النواس بن سمعان قال: فبينما هما إذ بعث الله المسيح ابن مريم عليه السلام فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس بيني وبينه يعني عيسى نبي وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه فإنه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض ينزل بين ممضرتين كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيقاتل الناس على الإسلام، فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويهلك الله الملل في زمانه كلها إلاّ الإسلام ويهلك المسيح الدجال ثم يمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون» أخرجه أبو داود ونقل بعضهم أن عيسى عليه السلام يدفن في حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقوم أبو بكر وعمر يوم القيامة بين نبيين محمد وعيسى عليهما السلام. قوله عز وجل: {ومطهرك من الذين كفروا} يعني مخرجك من بينهم ومنجيك {وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة} يعني وجاعل الذين اتبعوك في التوحيد وصدقوا قولك وهم أهل الإسلام من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فوق الذين كفروا بالعز والنصر والغلبة بالحجة الظاهرة. وقيل: هم الحواريين الذين اتبعوا عيسى على دينه وقيل: هم النصارى فهم فوق اليهود وذلك لأن ملك اليهود قد ذهب ولم يبق لهم مملكة وملك والنصارى باق فعلى هذا القول يكون الاتباع بمعنى المحبة والادعاء لا اتباع الدين لأن النصارى وإن أظهروا متابعة عيسى عليه السلام فهم أشد مخالفة له وذلك أن عيسى عليه السلام لم يرض بما هم عليه من الشرك، والقول الأول هو الأصح لأن الذين اتبعوه هم الذين شهدوا له بأنه عبد الله ورسوله وكلمته وهم المسلمون وملكهم باق إلى يوم القيامة {ثم إليَّ مرجعكم} يعني يقول الله عز وجل: إلي مرجع الفريقين في الآخرة الذين اتبعوا عيسى وصدقوا به والذين كفروا به {فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون} يعني من الحق في أمر عيسى ثم بين ذلك الحكم.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13